قال المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة: «إن المرأة نصف المجتمع وهي ربة البيت، ولا ينبغي لدولة تبني نفسها أن تبقى المرأة غارقة في ظلام الجهل أسيرة لأغلال القهر»، و«إنها تشكل أحد دعائم مجتمع الإمارات لأنها الابنة والأخت، وهي الأم التي تربي الجيل الجديد، إنها باختصار كل شيء».
منذ خمسين عاماً، ورث قادة الإمارات روح الشيخ زايد، حيث وضعوا قضية المرأة في المنظور الشامل للتنمية الوطنية، وربطها ارتباطاً وثيقاً بتنمية البلاد، وجعل المرأة قوة مهمة لتقدم المجتمع. بما أن الإمارات حققت إنجازات تبهر العالم في قضية المرأة، أصبحت نموذجاً يحتذى به في تعزيز مكانتها، ودعامة أساسية لتمكينها على المستوى العالمي.
أولاً: ضمان حقوق ومصالح المرأة بشكل كامل. تحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»، تم تأسيس الاتحاد النسائي العام ومؤسسة التنمية الأسرية والمجلس الأعلى للأمومة والطفولة على التوالي، باعتبار هذه المؤسسات حلقة تواصل بُنيت للنساء. وفي عام 2015، تم تأسيس «مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين» وإطلاق «دليل المساواة بين الجنسين»، وثم اعتماد قانون المساواة في الأجور والرواتب بين الجنسين، مما جسّد عزم الإمارات على حماية حقوق ومصالح المرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين. وفقاً لتقرير الفجوة بين الجنسين 2021 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، تصدرت الإمارات الدول العربية في تقليص الفجوة بين الجنسين وتحقيق التوازن بينهما، واحتلت المرتبة الأولى عالمياً في معدل الإلمام بالقراءة والكتابة ومعدل الالتحاق بالتعليم الابتدائي للمرأة وإلخ.
ثانياً: تعظيم إمكانيات المرأة. تحترم الإمارات مكانة المرأة وتعلّق أهمية كبيرة على مشاركتها في السياسة، حيث حصدت المركز الأول عالمياً في نسبة تمثيل المرأة في البرلمان التي بلغت 50%. يضم أعضاء مجلس الوزراء البالغ عددهم 33 وزيراً 9 وزيرات، بالتوازي مع حضور سعادة لانا زكي نسيبة المندوبة الدائمة للإمارات لدى الأمم المتحدة وغيرها من عدة سفيرات في الساحة الدولية، متسلحات بالذكاء والدهاء الذي يمثل صورة المرأة الإماراتية في العصر الجديد. كما تعمل المرأة الإماراتية بجدّ في ميادين الاقتصاد والتجارة والتكنولوجيا والفضاء والذكاء الاصطناعي، بما يظهر «لباقة المرأة» من خلال تذليل الصعوبات في البحوث العلمية، و«ذكاء المرأة» من خلال دفع إصلاح المجتمع.
وأثبتت المرأة الإماراتية قدرتها على الابتكار بمشاركة تصل إلى 50% في فريق القيادة لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، مُمسكة بـ «نصف السماء» لقضية التكنولوجيا الإماراتية، كما تستعدّ لتحمل المسؤولية، وتصبح «جندياً قوياً» في المعركة ضد فيروس كورونا، حيث توفّر طبيبات ومتطوعات الإمارات بنشاط علاجاً طبياً للمصابين ويشاركن في أعمال الوقاية المجتمعية والتلقيح، بما يبني جداراً حديدياً يتصدى لتداعيات فيروس كورونا.
ثالثاً: المشاركة في التعاون الدولي بشكل عميق. تولي الإمارات اهتماماً بالغاً بالتواصل والتعاون الدولي سعياً إلى تدعيم تنمية قضية المرأة العالمية. في عام 2019، أعلن المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات بالتعاون مع الاتحاد البرلماني العربي، إطلاق «الوثيقة العربية لحقوق المرأة» التي غدت علامة فارقة في طريق تمكين المرأة العربية. وقبل فترة وجيزة، أطلقت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «خطة عمل وطنية حول المرأة والسلام والأمن»، التي تعد الأولى من نوعها على المستوى الخليجي لتشجيع المرأة على المشاركة في عملية السلام.
لا تألو الإمارات جهدها في تنفيذ المشاريع التنموية للمرأة بغية دعم ومساعدة المرأة في الدول النامية على الحد من الفقر وزيادة فرص العمل وتحسين معيشة الشعب، وتقديم ما يعادل 322 مليون دولار أميركي لصالح النساء والفتيات كجزء من التدخلات الإنسانية الشاملة، علاوة على تقديم مبلغ 10 ملايين دولار أميركي لدعم القضاء على العنف القائم على نوع الجنس والعنف الجنساني في حالات النزاعات الإنسانية، ومن شأن ذلك دعم الأمم المتحدة في تعزيز المساواة بين الجنسين وتنشيط قضية المرأة.
يعد مستوى تطور دور المرأة مؤشراً مهماً لتقييم المستوى الحضاري ومدى التحديث في بلد ما. لولا تحرر وتقدم المرأة، لما تحرر وتقدم الإنسان. وأنشأت الصين منظومة قانونية شاملة تتضمن أكثر من مائة قانون ولائحة لحماية حقوق المرأة ومصالحها، ونجحت في سد الفجوة بين الجنسين في التعليم الإلزامي بشكل كامل وتحقيق المساواة للرواتب بين الجنسين، وأدرجتها منظمة الصحة العالمية في قائمة الدول العشر ذات الأداء العالي في مجال صحة المرأة والطفل.
تشكل المرأة ما يقرب من نصف العاملين في المجتمع عامة وأكثر من نصف رواد الأعمال على شبكة الإنترنت خاصة. في مسيرة التاريخ لتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية، لم تكن المرأة الصينية غائبة وتظلّ تخلق إنجازات باهرة، بما يكتب فصلاً ناصعاً عن مشاركة النساء في مصير الوطن ومشاطرة الرجال في النضال. وعليه، إن الإنجازات الهائلة التي حققتها الصين في تعزيز المساواة بين الجنسين وقضية المرأة، لَتجسيد حي لمفهوم الصين وممارستها في تعزيز حقوق الإنسان، مساهمة كبيرة في تدعيم المساواة والتنمية والسلام في العالم. يقال إن المرأة التي تهز مهد طفلها بيمينها يمكنها أن تهز العالم بيسارها.
إن التواصل والتعاون بين النساء الصينيات والإماراتيات، يشكل جزءاً مهماً لعلاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين. يعملن بشكل عادي، بل عظيم على رسم صورة جميلة للتبادل الودي بين البلدين، ووضع خطوط عريضة لمستقبل العلاقات الصينية الإماراتية، سواء كن مسؤولات متفرغات لتعاون متبادل المنفعة بين البلدين، أم مبعوثات منهمكات في تعزيز التبادل الثقافي أو أستاذات مجتهدات في دفع قضية التعليم أو إعلاميات منشغلات برواية الصداقة الصينية الإماراتية. في عام 2015، أقيمت الدورة الأولى لمنتدى المرأة الصينية العربية في الإمارات بنجاح، ما يعد إرثاً من الصداقة التقليدية بين الصين والإمارات. في عام 2020، تكللت الدورة الثانية للمنتدى بالنجاح، مما لعب دوراً مهماً في تشجيع التواصل والتعاون بين المرأة الصينية والعربية وتعميق الصداقة بين الصين والإمارات باستمرار. يصادف يوم 28 أغسطس يوم المرأة الإماراتية. وبهذه المناسبة، أتقدم نيابة عن سفارة الصين لدى الإمارات، إلى المرأة الإماراتية بأطيب التحيات والتمنيات، متمنياً أن تواصل المرأة الصينية والإماراتية مساعيها لتحقيق الازدهار الوطني وسعادة الحياة، بما يسهم في تجسيد وترسيخ الصداقة المتناقلة بين شعبي البلدين جيلاً بعد جيل.
* سفير جمهورية الصين الشعبية لدى دولة الإمارات العربية المتحدة.